إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 ديسمبر 2009

تودعين

إلى ابنتي الحبيبة - جنى عروسًا ، وفي طلعتها الميمونة الحزينة:






د.فاروق مواسي




تودعين بيتــــك الحبيــــبْ

شفيــــقةً رقيـــــقةً

وتذرفين دمعــــةً غريقـــــةً

معِـــينُها صبيــــــبْ

لترتـــــقــــي معارجــــًا كريــــمةَ الذُّرا

أقول : يا لَسحرِهــــا العجيــــبْ

مداعبًا مُــمَسِّـــــدًا وحانيـــــــا

مُكفْـــكِـــفــًا حتى الرِّضــــا :



رِفـــقــًا بنا بُنيَّــــتي ،

حنــــانــــُُك الذي رنـــــا لنــــــا

أوفيـــــهِ لابـنــــــنِـــا الذي ارتــــضاك

لبيـــتهِ – لبيتـــــِـــكِ الجديـــــدْ

منارةً تضـــــيء من سنـــــاك



الفرحةُ التي بـــــدا إشراقــــــُها أمـــــلْ

لا تجعليـــــها عَـــبْرةً تظلُّ في المُــــقـــلْ

جودي بها هُنــــيهةً

كيما تظـــلَُ البســــمةََ التي روتْ عذوبـــتَكْ

ترفُّ فوق وجهــــِكِ الرغيــــد

وتستقـــــي نداوتـــــَكْ



بنيتي !

مرتْ سنيـــــن

مرتْ سنيــــــــــنْ

وعشتــــِهـــا بحبِّــــنــــا وصفوِنــــــا

وسرِّنـــــا وجهرِنـــــــا

راضيــــةً هــنــيـــــَّه

في منبع ما ضنَّ بالعـــــطاءْ

في روضـــةٍ تشعُّ بالوفــــاءْ

فلتصحبي كليهما

عطيـــةً

وفيــــةً

بنيتــــي !



بنيتي

وداعــــةٌ ترافقُــــــك

دعاؤنـــــأ يعانقُـــــك :

يرعاكِ ربي يا جنـــــــى

وجازيًا طيبَ المـُــنــــى

ومسعدًا رفيقــــَكِ الرفيــــقْ

بدربِــــه ....حنوِّهِ

لترفُلا ببهجــــِة الرِّفـــــاءْ !



19 آب 2007

ينقصني قمر كي اعيش -نمر سعدي

ينقصُني قمرٌ كيْ أعيشْ
--------------------------------------------------------------------------------






نمر سعدي
الجمعة 11/12/2009
إلى أُمِّي في غيابها


(1)
للقصائدِ مذبحةٌ في المساءِ خياليَّةٌ...
لا تمُتُّ إليَّ بأيِّ صِلةْ
ألفُ عوليسَ في تيهِ روحي يموتونَ...
لا من غناءٍ يشُدُّ الضلوعَ إلى من تحبُّ.. ولا بوصلَةْ
للقصائدِ مذبحةٌ في المساءِ
وأسئلةٌ دونها أسئلةْ

(2)
كانَ ينقصُني كيْ أُتمِّمَ هذا الغيابَ المُعلَّقَ
مثلَ التميمةِ في عنقِ أيلولَ
وردٌ من الماءِ
شمسٌ من اللازوردِ
فراشاتُ دمعٍ
ظلامٌ مُقفَّىً
ووقتٌ يصادقني في أعالي الأحاسيسِ
حبرٌ.. وشمعٌ نبيلٌ
وصبرٌ مُذابْ
كانَ ينقصُني كيْ أُتوِّجَ موتي الخصوصيَّ لا موتَ أمِّي
القليلُ من الشعرِ ينثرني في العراءِ المُضيءِ
ويُشعلُ ثلجَ دمي كالشهابْ

(3)
من أنا الآنَ في مشهدٍ جامدٍ....؟
قطعةٌ عالمي من رؤى لوحةٍ غابرةْ
يضيقُ بياني رويداً رويداً
وأفقُ خيالي يضيقُ
وكفَّايَ ترتميانِ على صخرةِ الآخرةْ
من أنا الآنَ في هذهِ الدائرةْ..؟

(4)
وأنا صامتٌ مثلُ عينينِ بحريَّتينِ
فمي بُلبلٌ ميِّتٌ
ودمي مُغلقٌ مثلُ آسٍ تعذِّبهُ الريحُ عندَ الهبوبِ
ومُحتشدٌ بالحنينِ لأنثى الترابْ
ليسَ يستلُّني قدَري من خطايايَ هذا الصباحَ
ويُوغلُ في النورِ صوتي إلى نجمةٍ في أقاصي الدموعِ
بزنبقتينِ وفجرٍ وبابْ
ويُوغلُ في النورِ بيتي إلى ما يشاءُ الطريقُ السحيقُ
ويرجعُ مخضوضراً بالأغاني التي لا تموتُ
ومُستسلماً لغرامِ الشبابْ
سأبكي بكاءَ الطيورِ على جنةٍ عاثَ فيها الخراب

(5)
كانَ ينقصُني قمرٌ كيْ أعيشَ
وكيما أُتمِّمَ هذا الغيابَ / الحضورَ
بلا أيِّ معنىً يخلُّ بمبنى العبارةِ
أو أيِّ لفظٍ يخلُّ بمعنى الكلامِ الجريحِ
كأنثى الحمامِ التي اندثرَت مثلَ نقطةِ ماءٍ
مذوَّبةٍ في عروقِ السماءْ
قمرٌ واحدٌ كانَ ينقصُني
كيْ أُتمِّمَ هذا الحضورَ / الغيابْ

(6)
قمرٌ على عينينِ صافيتينِ ينبضُ بالمحارِ
على حواشي القلبِ
ينكسرُ النهارُ على شفا عينيهِ
يقتلني كأيلولَ الذي أحببتُ منذُ نعومةِ الأشعارِ
يقتلني بشيءٍ من غموضِ الموتِ ملءَ مدى المكانِ
وملءَ ما في الوقتِ من صمتِ الحياةِ
ومن صُراخِ الروحِ فوقَ الكوكبِ المأفونِ.....
قُمتُ أشُدُّ ما في النفسِ من مِزَقٍ
لصاريتي فمالَ البحرُ فوقَ يدي
ودوَّخني بكاءُ العطرِ فوقَ نصاعةِ الأحلامِ.....
يرفعُني انهياري
ويُذيبُني دمعي..
كأنِّي في السماءِ عمودُ ملحٍ تائهٍ يبكي...
كأنَّ دموعَهُ ودموعَ قلبي
في المدى شفقُ البحارِ

(7)
تُعمِّدني لحظتي الفانيةْ
بماءِ انتباهِ الفصولِ وماءِ التعَبْ
فأغرقُ في لهفةٍ عاريةْ
لتقبيلِ ما في يدينِ ربيعيَّتينِ
من الحُبِّ والحدبِ والخيرِ والشعرِ
مُستسلماً لعبيرٍ يكونُ شفاءَ العَصَبْ

(8)
فجرٌ على عينينِ غارقتينِ في البلَّوْرِ
في أقصى دمائي
فجرٌ يجيءُ على جناحِ حمامةٍ بيضاءَ
من ضلعِ السماءِ
وبكلِّ أسبابِ البكاءِ اليومَ يُبكيني
ويزرعُ وردةً حمراءَ في أعلى بكائي

(9)
لا أستطيعُ رثاءَ أمِّي
لا لأني مصابٌ بالإغماءِ العاطفيِّ
والشعريِّ.. والوجوديِّ.. والسرياليِّ
لا أستطيعُ رثاءَ أمِّي
فقط لأنني أحببتُها حتى الجنونْ
ولأنها هيَ وحدَها من بينِ جميعِ الكائناتِ
في الكونِ من أحبَّتني بصدقْ

(10)
رحيلُ أمِّي جعلني أخلطُ الشعرَ بالنثرِ
والمنطقيَّ باللا منطقيّْ
والحياةَ بالموتِ
والعصافيرَ الزرقاءَ بالرصاصِ
والبحرَ باليابسةِ
والماءَ بالنارِ
ودمائي بالزهرِ
وصمتي بصراخي الأبديّْ

(11)
كأنِّي بغيرِ فمٍ لأخطَّ رثائي الأخيرَ
كأنِّي أجسُّ دمي لأحسَّ حياتي
التي يبسَتْ كعروقِ الغيومِ...
كأنِّي الذي ماتَ من دونِ قصدٍ
وشيَّعهُ العابرونَ إلى ما وراءِ الحقيقةِ..
ماذا أقولُ..؟
هل أقولُ غدي مُوحشٌ دونَ عينيكِ؟
أو سوفَ تقسو الحياةُ عليَّ إذنْ كالغريبْ؟
لا أجيدُ العبارةَ
لا أحتفي بنصاعةِ روحي
أنا الآنَ لا شيءَ يُرشدني نحوَ سرِّ الحنانِ
ولا شيءَ يُكملُني بالجمالِ
الذي غابَ خلفَ خريفٍ من الصمتِ...
من دونِ قلبٍ أحسُّ
وحُريَّتي لا تطاوعني..
هذهِ لحظةٌ من سديمِ العذابِ
وهذا ابتداءُ كتابِ الدموعِ وراءَ سماءٍ هُلاميَّةٍ
هذهِ لحظةٌ لا أُحاولُ إلاَّ قياساً لها
في جحيمي على هذهِ الأرضِ مخضوضراً بالسرابِ
كأنِّي الذي ماتَ من دونِ قصدٍ
وطافَ بهِ اللهُ أرضَ النعيمْ
كأنِّي تحوَّلتُ طيراً من الدمعِ.. أو سرَّ زنبقةٍ
من رمادِ الغيومْ
كأنِّي أمُدُّ يدي لأزيلَ غبارَ السديمِ
عن الروحِ في تيهها.......


(12)
الآنْ أعظمُ ما أشعرُ بهِ هو التعَبُ
التعَبُ الهائلُ
حتى أنني أشعرُ وكأنني أحملُ كلَّ صخورِ العالمِ
على ظهري وحدي
وأعبرُ بها محيطاتٍ لا سواحلَ لها
في كواكبَ أكبرَ من كوكبِ المرِّيخْ

(13)
آهِ ماذا سأفعلُ بعدكِ...
بعدَ الخريفِ الأليفِ
وبعدَ انطفاءِ الجمانِ على شجرِ الروحِ...
ماذا سأفعلُ من دونِ وردكِ..؟
لو لم تكوني انعكاساً بريئاً لقلبِ الملاكْ
آهِ ماذا سأفعلُ بعدكِ ماذا سأفعلْ..؟

(14)
ما الذي كانَ ينتابني من نداءِ الحبيبةِ
في زمهريرِ الحياةِ؟
أُسائلُ قلبي فيبكي بدمعٍ عصيِّ المهبِّ
على زرقةِ البحرِ....
آهِ.. أنا لمْ أُقطِّرْ ندى جرحِها في دمي....
لم أُهذِّبْ جنوني على قبرها بعدُ
أو أنعفِ الروحَ عاصفةً من زَهَرْ

(15)
تحترقُ على شفتيَّ آخرُ قُبلةٍ توَّجتُ بها رأسكِ
وتترمَّدُ أوصالُها في قلبي
تحترقُ عنقاءُ روحي إلى الأبدِ
على شاطئِ الأبديةِ
ويطيرُ رمادُها مع رياحِ سدومَ
في جهةٍ لا أعرفُها

(16)
الوحدةُ بعدَكِ تُشعلني كعودِ ثقابٍ
وترميني بعيداً بعيداً في الفضاءِ الهلاميِّ
الوحدةُ وحشٌ مفترسٌ يطاردني
في جنةِ الروحِ وحدي
وينهشُ قلبي المُتفتِّتَ بعدَ غيابكِ كالحجرِ الجيريِّ
الوحدةُ بعدكِ تكسرُني كرذاذِ الضوءْ

(17)
حزني قديمٌ عمرُهُ مليونُ عامْ
وغشاوةٌ حطَّتْ على عينيَّ مثلَ الطائرِ المنسيِّ
لا قلبي يُطاوعني على النسيانِ
لا لغتي ولا بحرُ الظلامِ
ولا الضحى الدُريُّ
لا أمسي ولا يومي
ولا كنـزُ البلاغةِ
لا أعالي الحُبِّ
لا العطرُ النبيلُ ولا الهيامْ
حزني قديمٌ عمرُهُ مليونُ عامْ
وعلى جميعِ الكائناتِ
على ربيعِ الأرضِ بعدَكِ وهو يذوي
كالجمالِ... وكالشتاءاتِ السلامْ

(18)
لم تُفدني الكُتُبْ
حولَ ما أبتغي في الردى والمنامِ الجميلْ
من علومٍ إلهيَّةٍ...
لم يُفدني دمي المُتبصِّرُ أيقونةً
في يدِ الموتِ مرهونةً
من دموعِ الذهَبْ
كأنَّ دمي جاءَ هذي الحياةَ بدمعٍ كَذِبْ

(19)
عبثٌ كلُّ ما في الحياةِ يعانقني
ثمَّ يطعنني بخطايا الكلامْ
عبثٌ كلُّ ما تحتَ هذي السماءْ
وحنينٌ مُضاءْ
برغبةِ أوجاعنا في المنامِ الجميلْ
...........
زهرةٌ ألمي... والرحيلْ
هوى فوقها مثلَ سيفٍ صقيلْ

(20)
قمرٌ على عينيكِ أزرقُ
مثلَ صوتِ البحرِ ينهضُ من بكائي
ويطيرُ كالعنقاءِ نحوَ اللهِ.....
تخفقُ فيهِ أحلامي التي احترقتْ بأكملها
على مرأى الضلوعِ
مُعذَّباً برؤى دمائي
قمرٌ يحطُّ على يديكِ
وبسمةٌ بيضاءُ من نيلوفرٍ تُنهي شقائي

(21)
أنا لا أُصدِّقُ موتكِ المرفوعَ
فوقَ الكرملِ المفجوعِ مثلي
لا أُصدِّقُ صمتكِ العالي
وتركَكِ قلبيَ المجنونِ يبحثُ في الأناشيدِ
المُقدَّسةِ البعيدةِ عنكِ
يسألُ في الدروبِ ولا مُجيبَ
مُطوَّقاً بلظى الحنينْ
الآنَ في الزمنِ العصيِّ على التأمُّلِ
في الزهورِ وفي العيونْ

(22)
قلبي سماءٌ من رمالٍ
وردةٌ حجريَّةٌ
نهرٌ يجفُّ نداؤهُ
صفةٌ لأنثى الصبحِ
عاطفةٌ تُفكِّرُ
روحُ أيلولَ
انتباهُ الطائرِ الدوريِّ
قُبرَّةٌ.... وسيفٌ من غمامْ
ضوءٌ خفيُّ الحزنِ يسكنُ في اختلاجاتِ الكلامْ

(23)
كفَّاكِ نعناعٌ يُسبِّحُ في الصباحاتِ الرخيَّةِ
خفقةٌ للماءِ
سرٌّ للمحارِ
ندىً تراكمَ فوقَ قلبي في مدى الصحراءِ
أغنيةٌ... ملاذٌ للدموعِ
بنفسجٌ للنورِ..
أجنحةٌ... وأسفارٌ لحزنِ الياسمينْ

(24)
عندما ماتتْ أمِّي تحوَّلتْ روحُها
إلى جوقةِ أطيارٍ تطيرُ على قابِ قُبلةٍ من رأسي
أينَما ذَهبْتُ
ولم أكُ أسمعُ في الليالي والأيامِ
التي سبقَتْ وأعقبَتْ موتَ أمِّي
إلاَّ رفيفَ الملائكةِ
وبسملةَ الكائناتِ
وتسبيحَ الكونْ

(25)
ظهورُ قصائدي مقصومةٌ كلُّها
وحدائقي الشعريَّةُ تأكلها النارُ
وقلبي مُثقلٌ بكلِّ حديدِ الأرضِ ودموعها
وصخرةٌ تربضُ فوقَ لساني إلى الأبدْ
وأنا كأنني تحوَّلتُ إلى روحٍ هائمةٍ
على وجهها في الشوارعِ الغريبةْ

(26)
سلامٌ على الماءِ في فمِ عصفورةٍ
وسلامٌ على روحِ أمِّي
سلامٌ على قبرها
وعلى حقلِ نيلوفرٍ وعلى داليةْ
تحملُ الشمسَ في وجنتيها
سلامٌ على عودةِ العاملينَ
إلى الأمِّ والزوجةِ الحانيةْ
سلامٌ على بهجةِ الصُبحِ فيَّ وبسمتهِ الصافيةْ
على شفتيَّ
سلامٌ على لغتي
وسلامٌ على ما يضيعُ من الروحِ
في غمرةِ الجمرةِ العاريةْ
سلامٌ عليَّ
على قمرٍ مثلَ طفلٍ يتيمٍ على الرابيةْ

(27)
أُحاولُ تضميدَ جرحي بجرحِ الحبَقْ
وما يختفي من كلامي وراءَ ضبابِ القلَقْ
أُحاولُ أن أملأَ القلبَ بالقبلاتِ العصيَّةِ...
لكنَّ قلبيَ أمسِ احترَقْ
أُحاولُ أن أجعلَ الأرضَ طائرةً من ورَقْ

(28)
أغرفُ الصمتَ من قاعِ بئرِ الحياةِ
أصبُّ لنفسي قليلاً
فيا حبَّذا كانَ صبري جميلا
فقد ينفعُ الحبُّ نفسي فتيلا
أغرفُ الصمتَ أروي ضلوعي بهِ
غيرَ أنَّ الحرائقَ في الروحِ تزدادُ
والجمرُ يزدادُ طُهراً نبيلا
أغرفُ الصمتَ يقتلني
كانَ خيراً لنفسيَ أو كانَ شرَّاً وبيلا

(29)
تكسَّرَ معراجُ قلبي وقايضتُ روحي
التي مرضَتْ ببياضِ الأهلَّةْ
درتُ كالثورِ أعمى
رحايَ الليالي التي انبثقتْ من ضلوعيَ
بيضاءَ بيضاءَ مثلَ دموعِ السماءِ على وجهِ فُلَّةْ
تكسَّرَ معراجُ قلبي وحدَّقتُ فيما يقولُ البنفسجُ
من لذعِ جمرٍ وراءَ عيوني
ينامُ كأنهارِ شوقٍ دفينِ
كأحلامِ صيفٍ وراءَ دمي مضمحلَّةْ
...................
تُصبحينَ على وجهِ ربِّي
تُصبحينَ على ألفِ قُبلةْ

(30)
تكسَّرَ معراجُ قلبي ولمْ أكُ أعرفُ
أنِّي على موعدٍ باذخٍ مع بكاءٍ مؤجَّلْ
أفي لحظةٍ حيَّةٍ يرحلُ النورُ عن جنَّتي
وتموتُ الطبيعةُ فيَّ وتنتحرُ الكائناتُ الجميلةُ...
تنحلُّ في الضوءِ... تنحلُّ في قاعِ هاويةِ الليلِ
مثلَ السَمندَلْ
كلُّ شيءٍ سوى غدرِ أيلولَ بي
بعدَ طولِ وفاءٍ لهُ ولأشيائهِ
ألفُ سهلٍ وأسهلْ
كلُّ شيءٍ سوى غدرِ أيلولَ بي
ألفُ سهلٍ وأسهلْ
آهِ... تذوينَ حُبَّاً على بُعدِ أيقونةٍ من دمي
من وفائي ومن وردِ عينيَّ
من شعلةِ الروحِ فيَّ...
على بابِ أيلولَ أرفعُ أبهى الجنانِ على كتفيَّ
ووحديَ أذبُلْ

(31)
ذاتَ ليلٍ هناكَ وراءَ الفضاءِ المُضاءِ بروحكِ
شاهدتُ رعشةَ نجمٍ فأيقنتُ
أنَّكِ أصبحتِ ضوءاً وماءً هناكْ
هناكَ وراءَ رذاذِ الضياءِ
وراءَ السماءْ
ذاتَ ليلٍ هناكَ على سقفِ بيتي
تحومُ الطيورُ الأليفةُ حولي
فأعلمُ في سرِّ نفسي بأيِّ قداسةِ روحٍ
تحومُ الطيورُ الأليفةُ حولي
ويخضلُّ ليلي
ذاتَ ليلٍ على بُعدِ تنهيدةٍ من فمي
درتُ كالثورِ أعمى
على أفقٍ مخمليِّ الحنانِ
وأيقنتُ أنَّكِ منِّي على قابِ قُبلةْ
على بُعدِ تنهيدةٍ من فمي......

(32)
سيأتي زمانٌ وأبكي إلى أن تجفَّ الدموعُ الأخيرةُ...
أو تيبَسَ الأغنياتْ
سيأتي زمانٌ بهِ سوفَ ينطقُ حزني الحبيسُ بلا كلماتْ
سيأتي زمانٌ.....
ويحترقُ القلبُ بالقُبلاتْ

(33)
عينايَ حافيتانِ في حقلِ الرؤى المفروشِ
بالأشواكِ والنيرانِ
وجهي فوقَ هاويةِ الشتاءِ فراشةٌ عمياءُ
تبحثُ عن أمانِ اللهِ في يومِ الحسابْ
عينايَ حافيتانِ في حقلِ السرابْ

(34)
عينايَ حافيتانِ عاريتانِ
إلاَّ من جراحِ الموتِ
من أبهى الصراخِ على شفيرِ الصمتِ
بوصلتي ذوَتْ كالوردِ
ثمَّ تهاوتِ الأضلاعُ في الريحِ العقيمةِ كاليبابْ
عينايَ حافيتانِ عاريتانِ في الشفقِ المُذابْ

(35)
من يصطفي قمَري؟
ومن يتسلَّقِ الألحانَ في أعلى الرثائيَّاتِ
من فيكمْ يزوِّجُ دمعتي لبُكا أرميا الصرفِ
من يمشي بنرجستينِ واثقتينِ فوقَ السيفِ
يمسحُ دمعَ هذا الصيفِ
عن وجهِ القصيدةِ والسحابْ..؟

(36)
فكرتي ليسَ تُسندني مثلما تسندُ الأرضَ قطرةَ ماءْ
وفي مهجتي شعلةٌ من نصاعةِ هذا الظلامْ
وفيَّ نداءٌ غريبُ الوفاءِ لهذي الحياةْ
نداءٌ غريبٌ يقولُ بأنِّي عققتُ الحياةَ التي ولدتني
عققتُ الحياةَ بكاملِ فتنتها...
منذُ شهدِ الطفولةِ شُرِّدتُ من جنَّتي
دونَ أيِّ خطايا
سوى إرثِ حزني الثقيلِ
كما كوكبٍ من صخورٍ
أجرجرهُ في مهبِّ الحنينْ
وحيداً ..... وتسحقني فكرتي

(37)
تطايرَ نثري الذي لم أقلهُ
على سطحِ هذا الفراغِ اللعينْ
تطايرَ مثلَ الرسائلِ مثلَ الخطى الذاهباتِ
إلى باطنِ المعصيةْ
تطايرَ نثري المُلوَّنُ مثلَ الحمامِ على الأقبيةْ

(38)
أُكفكفُ دمعي عن القلبِ والمقلتَينْ
أُكفكفُ جمري عن الوجنتَينْ
وأُخفضُ رأسي
كسيراً غريباً
وحيداً... طريداً... شريداً
كمَنْ خسَرَ الجنَّتينْ
ندائي رياحٌ جنوبيَّةٌ
وبكائي رمالٌ على الضفَّتينْ

(39)
أُهذِّبُ نيرانَ حزني وأجنحةَ العاطفةْ
أُرتِّبُ أوراقَ هذا الخريفِ
التي في دمي نعَفتها يدُ العاصفةْ
أُهذِّبُ في طيَرانِ الحمامِ
خطايَ بأشواقها نازفةْ

(40)
أتسلَّقُ أشجارَ الليلِ المرجانيَّةْ
وأسقطُ من أعلى نجمةِ قلبي
أتسلَّقُ هاويةً في أقصى حُبِّي
وأسقطُ ملفوفاً بدمي الأبيضِ كالثلجْ
من يرفعُ عن صدري صخرةَ أحلامي؟
من في شعراءِ الأرضِ جميعاً يشرحُ ما في النفسِ
من الهمِّ العاري
أو يصفُ اللوعةَ في قلبي الواري؟
من في الناسِ جميعاً يرثيني
أو يبكيني ...؟
أو يرفعُ عن صدري الصخرة؟
أو يُطلقُ من قلبي الفكرة..؟

(41)
سأهرعُ كالدوريِّ المُعذَّبِ إلى فضاءِ الموسيقى
لعلَّها ترفو جراحَ التأمُّلِ والذكرى
سأهرعُ نحوَ البحارِ الزرقاءِ الصافيةِ
كعينَيْ شاعرةٍ إغريقيَّةٍ
فكُلُّ ما على هذهِ الأرضِ
فزَّاعاتُ طيورٍ
وفزَّاعاتُ بشَرْ

(42)
تحوَّلَ قلبي إلى دمعةٍ كبيرةٍ
معلَّقةٍ على أهدابِ الكونْ
وتحوَّلتُ أنا إلى قطعةِ موسيقى حزينةٍ
أو وردةٍ مجففَّةٍ في كتابِ الحياةْ
تحوَّلَ قلبي إلى سفينةٍ ضائعةٍ
في محيطٍ لا آخرَ لهُ
فهلْ من حبالٍ رخاميَّةٍ بيضاءَ أو خضراءَ
تشدُّني إلى القمرِ المعلَّقِ في خيالي..؟
آهِ من تلكَ اللحظاتِ التي
كانتْ أشدَّ وقعاً من قبيلةٍ من السيوفْ

(43)
كأنني كنتُ سنبلةً على شفا المقصلةْ
أو صرخةَ ماءٍ في فمِ صحراءٍ قاحلةٍ قاتلةْ
كأنني صرتُ نجمةً صخريةً
أو يداً بلا أصابعَ
أو رمادَ قبلةٍ طائراً في الريحِ السوداءْ

(44)
للقصائدِ مذبحةٌ تتأرجحُ في آخرِ الكلماتِ
وفي أوَّلِ الريحِ
لي ما يقولُ المغنِّي
شذى شفقٍ مُمطرٍ
خيطُ حلمٍ رفيعٍ تسلَّلَ من فجوةِ اللحنِ
بعضُ التأمُّلِ في الليلِ والناسِ
أنثى السكينةِ
ذاكرةُ الأرجوانْ
للقصائدِ مذبحةٌ في الخيالِ المجرَّدِ
والواقعِ الشاعريِّ
وليسَ لنا نحنُ جرحى الزمانِ وصرعاهُ
إحصاءُ نصفِ الضحايا
وتخليصُ أجسادنا من قيودِ المرايا
كأنَّا التماثيلُ في لوحةِ الملحمةْ

(45)
حزني طفلٌ جميلُ الشغبِ والعينينْ
ربَّتهُ الليالي الخضراءْ
منذُ ابتداءِ الخليقةِ إلى الآنْ
فكيفَ سأتخلَّى عنهُ في لحظةٍ واحدةٍ
وبدونِ أيَّةِ مقدِّماتٍ قصيرةٍ للوداعْ..؟

(46)
إلى متى أسألُ الكتبَ القديمةَ والجديدةَ
والبشرَ البسطاءَ
والشعراءِ المرموقينَ
ونفسي
وكلَّ ما في الكونِ من كائناتٍ بريئةٍ
وملائكةٍ
وأشجارٍ
عن ماهيَّةِ النسيان..؟

(47)
سأتركُ دمعي على بسمةِ الصبحِ
مثلَ المحارِ العجيبِ
وأستلُّ من ضلعِ صدري
صدى ألفِ جيتارةٍ...
وحوريَّةً للنحيبْ
.................
في الشرايينِ ترجيعُ نايٍ
يخيطُ إلى شفتي بُرعماً من لهيبْ
في الشرايينِ تسبيحُ نيلوفرٍ
وشفاهي كتابْ
لعائلةِ الوردِ....
صلصالُ قلبي لظىً في ضبابٍ
لظىً في ضبابْ.....




قصيدةٌ كُتبتْ من أيلول إلى كانون أوَّل عام 2009

الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

رباعية النزول والصعود

رباعية النزول والصعود
أحمد حسين -مصمص-



رَيّانَ من ماءِ الصّدى أتذكر ُ شبحا إذا شاهدتُه يتبعثرُ
هل كانَ أم أن السرابَ أقامهُ حينا ًوأوْلع بالسراب المُبصرُ
والرمل دارُ العقم يقتلها الأسى فتبثهُ مُدُناً تغيبُ وتحضرُ
يلوي أصابعه النسيمُ ببابها فكأنه مما يرى يتحسّرُ
يا بيت ميَّة َهل أتتك رسائلي إن كانَ فاقرأها لعلك تذكرُ
أين الطريق إلى طريقك دُلني إن الطلول مقابرٌ ومنابرُ
لما وقفنا في الوداع هجوتَني وزعمتَ أنيَ غادرٌ ومغادرُ
أنت الذي غادرتني وغدرتني ألبابُ يشهدُ والنوافذ تخبرُ
عشنا على بلد يراود يومَه عن أمسه ويغيب فيه الحاضرُ
والعمر أيام تسافر وحدها حتى يُريها القلبُ أين تسافرُ
وقفوا ببابك غائبين يقولهم وهمٌ ويرويهم حديثٌ منكَرُ
وبقيتُ خلف سياج صدِّك واقفا حجرا يحاور أعينا لا تبصرُ
حنّت بلادي للضياع كأنها غَرَقٌ وأيامي عليها أبحُرُ
فمتى يقيم القلب فيك صلاته وظباءُ أرضك من سمائك تنفرُ
أمشي لباب ٍ لا إلهَ وراءه والله في ملكوت حزني َ ينظرُ
ألله أسماءٌ ورب ٌ واحد ٌ منا ، له وجهٌ نبيلٌ أسمرُ
ركضَتْ أيائلُ نوره في صُبحها لكنَّ كنعان الصباحُ الأبكرُ
مروا على نوم الرُّعاة كأنما لاحتْ لهم شمسُ السؤال فبكّروا
ماذا يريد اللائذون بلونهم هل ينفع الشقراء قبحٌ أشقرُ
همَجٌ أعَدْنا خلقهم فتعلموا لكنَّ لؤم العقل لا يتغيرُ
عبروا إلينا في مراكبنا كما عبر الفِناءَ السارقُ المتنكّرُ
لم يبق من كنعان إلا روحُها ضوءا إذا كذب المُحدّث يُسفِرُ
كذبت مراياهم على تاريخهم فوجوههم بجمالنا تَتستّرُ
لِصُّ الحضارة لا يفارقُ لؤمُه أخلاقََه فهو السقوط الأكبرُ
مكْرُ الحضارة أنها علويَّة ٌ مثل التميمة كم تُسِرُّ وتُظهِرُ
همجيةٌ تدري وتعرف لعنةٌ: حسناءُ فاجرةٌ وشيخٌ أعورُ
لم يعرفوا معنى السّوِيَّة أنها ما يُبدع الإنسان حين يُخيَّرُ
أنَّ الحياة جمالها وجمالنا نحن النذير بها ونحن المُنذَرُ
لا سرَّ فى الألوان غير ظلالها لكنه الفنان سِرٌّ آخرُ
يا بيت نائلةٍ رأيتُ حقيقتي وترا بقيثار الفجيعة يُوتَرُ
سبيٌ على أطلال وجهك ماثلٌ فكأن ذاك الوجه ليلٌ مُقمرُ
سأظل أمشي في صدودك مقبلا لا أرض غيرك في المكان فأدْبِرُ
يا بيتَ عاكفةٍ أأخبرك المدى أني غيابُك لا يغيبُ فأحضُرُ
أشتاق صدّك والصّدود تواصل ٌ ما دام صدُّك في وصاليَ يسهرُ
من قال انك غير ما باحت به كأسي على شفتيَّ وهي تَكَسَّرُ
وكأنما الأردن قال مهاجرا: مالى وقد ركبوا السراب وهاجروا
شابت غصون الماء فيَّ لِما أرى ناسٌ يقيمون الصلاة ليكفروا
لا باب غير الموت يعرف وجهَهم لو لاح باب غيره لم يعبروا
مروا بباب الشمس لم يعبأ بهم ما كل مولود ببابلَ "نُصََّّرُ"
وكأنما... وكأنما ... وكأنما لا النهرُ قال ولا أجابَ الشاعرُ
لو كانت الأنهار تعرف أهلها كنا ضحايا ما جَنَتْه الأنهُرُ
ما للبعيد فلا زمان وراءنا لنبيت فيه ولا الأماكن تحضرُ
لكنّ أغنية َ الغريب سرابُه لا يبصر الأعمى ولكن ينظرُ
ما زال من حيفا على اشيائنا بعض الدماء فكيف لا نتذكرُ
تمشي لغربتها وأحمل غربتي فيها إذا دَنت الخطى نتغيرُ
هي رحلة غير التي وعَدتْ بها أمّي خطايَ وقال عنها المُخبرُ
عبثٌ وشعبٌ ضيعته هدايةٌ فكأنه مما يدبِّر يَسْكرُ
هذي الطلول تهيأتْ لخرابها واسترسلت في موتها تتبخترُ
مرحى لشمس لا نشاهد ضوءها وسحابةٍ من فوقنا لا تمطرُ
مرحى لسبيٍ نحن فيه غُزاته وعبيده وخيوله والعسكرُ
ولسوف تروينا كوابيسُ الصّدى نمشي ونحفر قبرنا ونفكرُ
غادرتُ وجهي كي أراكِ وحيلتي أنّي أنا طللٌ وأنتِ الشاعرُ
سقط المكان على المكان وأنت في أبد الزمان الثابتُ المتغيرُ
وأنا هنا الحجر الذي أرضعتِهِ ماءَ الحياة وأيّ أمّ ٍ تغدرُ
قولي مشيتُ بهم على أيامهم فتقحموا صدّ المكان ليعبروا
واسترسلوا عشقا فأي مُشمّر ٍ يروي الحقول وسندبادٍ يُبحرُ
كنعان أجمل ما روته منازلٌ عن أهلها أو شاهدته نواظرُ
ساحاتها كانت هياكل ربَّة ٍ حُبلى وأسماءُ النساء شعائرُ
سقط السجود على الجباه فأصبحوا
من طول ما غابوا كأنْ لم يحضروا
قولي هنا مدن تغيبُ جنازة ٌ مرت وأخرى بعد حينٍ تعبرُ
هذي حُلِيّ مليحةٍ كانت هنا يوما وهذا العشب حزنٌ أخضرُ
ما للمكان هنا يحاور دهشة ً مثل اندهاش الطفل إذ يتعثرُ
مدن تهرول في فجيعةِ زيِّها وشوارع من خِزيها تتقهقرُ
والسفح يَرْفلُ في عجائب زينةٍ في سُخفها يتهمَّج المتحضّرُ
قولي ! سيروينا الخفاء لغيرنا إن الخفاء هو الوجود الأكبرُ
من أين يأتي الشجوُ صوتً حمامة ٍ
ويُدير صوتُ النّاي خمرا تُسكِرُ
شَجَنُ الوجود شرود أشباح ٍعلى دمها وروحٌ كالفجيعة تُنشرُ
هل كانت الأحجار وجهَ زمانها لولا وجوه الناس فيما عمَّروا
كنعان عزف الروح ، لا نغماته تخبو، ولا وتر الربابة يظهرُ
أمشي إلى شرفات أسماء ٍعلى سِرّ تكاد به الحكاية تجهرُ
مالت بهم رَحْل المدى فترجلتْ فيهم مصائرُ في الخفاء تُدبّرُ
حملتْ سرايا الفتح راية غيرها واستُعبد العربي وهو يُحَرَّرُ
واليوم تقتلنا الحظوظ كأننا غنمٌ مُقرّبَةٌ تُداسُ وتُنحرُ
يا بيت عزة َ لا زماني حاضرٌ في خطوتيَّ ولا مكاني حاضرُ
هذا وداع مشرد أنّى يرى إن مات في أي البلاد سيُقبرُ
فتلمَّسيني في غيابك غيبة ً كانت بحيفا علَّ حيفا تذكرُ
حيفا يدي مقطوعة ً وطفولتي خلفي بدون يدي وحيفا أكبُرُ
ولدتنيَ الأيام تحت سحابة ٍ لا المشْي يُفلِتني ولا هي تمطرُ
دنيا تصرفها سواعدُ أهلها وأنا بها من كل شيء أصغرُ
لا يعرف العشاق إلا بعض ما أدري وما أخفيتُ عنهم أكثرُ
سبحان وجهٍ كالهديل عرفتُه بيني وبين الكَرمليّة يخطرُ
همسات عطر ٍ في مساء خميلة ٍ يرنو انبهار اللون فيه فيُبهرُ
غنت طيور القلب وانتحبَ الصدى هل جُنَّ فالتبست عليه الأسطرُ
لم أدر أن يد الوداع تشدني وبأن أشرعة الرحيل تٌحضّرُ
وبأن عشق الكرملية ليلة ٌ في ليلها صبح الفجيعة يسهرُ
يا كرملية لا فراق ولا لقاً وهمٌ يغادر في تراب يُنثرُ
يكفي الزيارة أن تكون هنيهة ً في لحظة العمر السريعة تعبرُ
سبحان حزنك والجمال يقوله شعرا تحس به الغصون فتزهرُ
لوز على طلعات نهدك كلما غمزت له عين السماء ينوّرُ
صفصاف مائك في الجداول رقصة علوية فيها الشموس تثرثرُ
هل غادرت عشتار من ملكوتها سرا يبوح به الجمال ويخبرُ
إلا وبحتِ به لبحرك موجة ً تغدو بما حملت وأخرى تنطرُ
يا ليتني أغدو بعطرك في يدي بعض الوجود تخيّلٌ وتصورُ
ماذا يضر النوم لو حلّت به أحلام منتبهِ الجوانح ساهرُ
لم يشعر الهجري أية غفلةٍ أودت به خليه بَعدَكِ يشعرُ
غدرت بكنعان السماء أم انّه خبرٌ رواه العابرون ليعبروا
قال الحكاية أنت حارس وشمها وغيابها عني ووهمٌ زائرُ
قم من عبوري فيك كل سفينة بعد الوصول إلى مداها تُبحرُ
كنا معا في رحلةٍ قدريةٍ انتم بها سحبٌ ونحن الأنهرُ
عشتم بها وحياً ونحن حقيقة ً والوحي يَخفى والحقيقة تُسفرُ
لم تمطروا إلا على عطشٍ لنا أو تعمُروا إلا نعود ونعمُرُ
يا أيها الهجري أنت مطيّتي لغدي ووجهي في غيابيَ يظهرُ
تَمشي على أرضي وتحملُ فوقها كَفَنَ المصير وفي سواها تُقبرُ
وأقول لا أدري ولكن ربما يقع العثارُ ويَسْلَم المُتعثِرُ
لم نأت من عبث الكلام فإننا إنسان هذي الأرض وهي تُصوّرُ
جسد المكان لنا وأحجية الصدى كانت بنا قبل الكلام تُبَرْبِرُ
مدوا أياد بالوداع وأقسموا بالماء والصفصاف ألا يغدروا
فلعلهم إن النزوح مَذلة ٌ من كل موتٍ أو حياة أكبرُ

طعنوا العروبة في الظلام بخنجر

نزار قباني
----
لا تَسأليني،

يا صديقةُ، مَنْ أنا؟
ما عُدْتُ أعرفُ…
- حينَ اكتُبُ -
ما أُريدُ…
رَحلتْ عباءَاتٌ غزَلتُ خُيُوطَها…
وتَمَلمَلَت منّي
العُيُون السُودُ…
لا الياسمينُ تجيئُني أخبارُهُ…
أمَّا البَريدُ…
فليسَ ثَمَّ بَريدُ…
لم يَبقَ في نَجدٍ… مكانٌ للهوى
أو في الرَصَافَةِ…
طائرٌ غِرِّيدُ…

(2)
العَالَمُ العربيُّ…
ضَيَّعَ شعرَهُ… وشُعُورهُ…
والكاتبُ العربيُّ…
بينَ حُرُوفِهِ… مَفْقُودُ!!

(3)
الشعرُ، في هذا الزمانِ…
فَضِيحةٌ…
والحُبُّ، في هذا الزمانِ…
شَهيدُ…

(4)
ما زالّ للشِعر القديمِ
نضارةٌ…
أما الجديدُ…
فما هناكَ جديدُ!!
لُغةٌ… بلا لُغةٍ…
وجوقُ ضفادعٍ…
وزوابعُ ورقيّةٌ
ورُعُودُ
هم يذبحونَ الشِعرَ…
مثل دجاجةٍ…
ويُزّورونَ…
وما هناكَ شهودُ!!

(5)
رحلَ المُغنون الكِبارُ
بشعرِنا…
نفي الفرزدقُ من عشيرتهِ
وفرَّ لبيدُ!!

(6)
هل أصبحَ المنفى
بديلَ بيُوتنا؟
وهل الحمامُ، مع الرحيلِ…
سعيدُ؟؟

(7)
الشعرُ… في المنفى الجميلِ…
تحرّرٌ…
والشِعرُ في الوطنِ الأصيلِ…
قيودُ!!…

(8)
هل لندنٌ…
للشعرِ، آخرُ خيمةٍ؟
هل ليلُ باريسٍ…
ومدريدٍ…
وبرلينٍ…
ولُوزانٍ…
يبدّدُ وحشتي؟
فتفيضُ من جسدي
الجداولُ…
والقصائدُ…
والورودُ؟؟…

(9)
لا تسأليني…
يا صديقةُ: أين تبتدئ الدموعُ…
وأين يبتدئ النشيدُ؟
أنا مركبٌ سكرانُ…
يُقلعُ دونَ أشرعةٍ
ويُبحرُ دون بُوصلةٍ…
ويدخُلُ في بحار الله مُنتحراً…
ويجهلُ ما أرادَ… وما يريدُ…

(10)
لا تسأليني عن مخازي أُمتي
ما عدتُ أعرفُ - حين أغضبُ -
ما أُريدُ…
وإذا السيوفَ تكسرت أنصالُها
فشجاعةُ الكلماتِ… ليس تُفيدُ…

(11)
لا تسأليني…
من هو المأمونُ… والمنصورُ؟
أو من كان مروانٌ؟
ومن كانَ الرشيدُ؟
أيامَ كان السيفُ مرفوعاً…
وكان الرأسُ مرفوعاً…
وصوتُ الله مسموعاً…
وكانت تملأ الدنيا…
الكتائبُ… والبنودُ…
واليومَ، تختـــجلُ العروبة من عروبتنا…
وتختجلُ الرجولةُ من رجولتنا…
ويختجلُ التهافتُ من تهافتنا…
ويلعننا هشامٌ… والوليدُ!

(12)
لا تسأليني…
مرةً أخرى… عن التاريخ…
فهو إشاعةُ عربيةٌ…
وقصاصةٌ صحفيةٌ…
وروايةٌ عبثية…
لا تسألي، إن السّؤَالَ مذلةٌ…
وكذا الجوابُ مذلةٌ…
نحنُ انقرضنا…
مثل أسماكِ بلا رأسٍ…
وما انقرضَ اليهودُ!!

(13)
أنا من بلادٍ…
كالطحينِ تناثرَت…
مِزَقاً…
فلا ربٌّ… ولا توحيدُ…
تغزو القبائلُ بعضها بشهيةٍ
كبرى…
وتفترسُ الحُدودَ… حدودُ!!

(14)
أنا من بلادٍ…
نكّست راياتها…
فكتابُها التوراةُ… والتلمودُ…

(15)
هل في أقاليم العروبةٍ كُلّها…
رجلٌ سَوِيُّ العقلِ…
يجرؤ ان يقول: أنا سعيدُ؟؟…

(16)
لا تسأليني من أنا؟
أنا ذلك الهِندي…
قد سرقوا مزارعهُ…
وقد سرقوا ثقافته…
وقد سرقوا حضارتهُ…
فلا بقيت عظامٌ منهُ…
أو بقِيت جُلودُ!!…

(17)
أنيابُ أمريكا
تغوصُ بلحمِنا…
والحِسُّ في أعماقنا مفقودُ…

(18)
نتقبلُ (الفيتو)…
ونلثمُ كفَّها…
ومتى يثورُ على السياطِ عبيدُ؟؟

(19)
والآن جاؤوا من وراء البحرِ…
حتى يشربُوا بترولنا…
ويبدّدوا أموالنا…
ويُلوّثوا أفكارنا…
ويُصدِّروا عُهراً الى أولادنا…
وكأننا عربٌ هنودُ!!

(20)
لا تسأليني. فالسؤالُ إهانةٌ.
نيران اسرائيل تحرقُ أهلنا…
وبلادنا… وتُراثنا الباقي…
ونحنُ جليدُ!!

(21)
لا تسأليني، يا صديقةُ، ما أرى.
فالليلُ أعمى…
والصباحُ بعيدُ…
طعنوا العروبةَ في الظلام بخنجرٍ
فإذا هُمُ… بين اليهودِ يهودُ!!

الجمعة، 4 ديسمبر 2009

سترجع


سترجع
كاظم ابراهيم مواسي
سترجع يوماً
إلى ساحة الفعل حراً كريماً
تجاري خيول القبيلة حتماً
وتصغي الى رعشات الأصيل ِ
وتعرف ضوءاً تخبأ في عتمات الليالي
وتلمح جرح المدينة حيناً
وحيناً تنام ُ
تخاف غموض الضباب
وربّ الخليل ِ
سترجع يوماً إلينا كماء الجداول
تبدو كطفل لطيف
يهاب صهيل الخيول ِ
سترجع يوماً
وتشهد أنا نحب الأصيل
ونحن جنود الأصول ِ
www.kazemmawassi.blogspot.com

الأحد، 22 نوفمبر 2009

ادراكي تغير


إدراكي تغيّر
كاظم ابراهيم مواسي
العيش هو الآن كما كان على مر الأزمان
أفراح أحياناً ، أحياناً أخرى أحزان
ناس في المنفى ، ناس في الأوطان
حسن الأخلاق هنا ، سوء الطبع هناك
ربحٌ ، خُسران
غدرٌ ووفاء
حبٌ وجفاء
سلم ٌ وعداء
ناسٌ في السوق ، وناس في الشطآن
**
إدراكي أو فهمي للعيش تغيّر
كلّ ربيع ٍ يتغيّر
كلّ شتاء ٍ يتغير
الأدوار بهذا العيش قليلاً تزداد
الناس بهذا العيش تتأثّر
أحياناً تبحث عن ملح ٍ
أحياناً تبحث عن سكّر
الله أكبر ، الله أكبر

http://www.kazemmawassi.blogspot.com/

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

تعددية
كاظم ابراهيم مواسي
*
الشاعر ينظر للأنحاء ِ
يرى في جهة من يرقى
في جهة ثانية من يشقى
في جهة ثالثة من يبكي
في جهة رابعة من يشدو
كتب الشاعر مبهوراً :
كل العالم في بلدي
وأنا اين مكاني ؟
هل أرقى ؟ هل أشقى ؟ هل أبكي ؟ هل أشدو ؟
أول قوم يرشون السلطة .
ثاني قوم حمالو أسلحة للقتل وللتهديد.
ثالث قوم يتذبذب أكبرهم
رابع قوم يهرب أقواهم من كلب
صرخ الشاعر محزوناً :
أين الشعب البطل الطيّب ؟
www.kazemmawassi.blogspot.com

الأحد، 11 أكتوبر 2009

الساعة

الساعة
كاظم ابراهيم مواسي
الساعة تهبط من موقعها
تهبط أيضاً من فترتها
أمطار تصحب زهر الرمان
حجل يمشي قرب الشريان
وسما في عطلتها
تصحبني في كل مكان
وسماء كانت تبكي في آذار
ظلت تبكي في نيسان
الساعة تهبط
روحي تصعد كالبركان
الساعة تنزل من منزلها
لست أخاف الأيام
أخاف الأحزان


www.kazemmawassi.blogspot.com

www.kazem-m.blogspot.com

1.4.2010/visitors

free counters